عملاق عقاري صيني جديد يترنح فهل يقصم ظهر الصين؟
عملاق عقاري صيني جديد يترنح فهل يقصم ظهر الصين؟
من المقرر أن تعرض “فانكي” -وهي واحدة من كبريات الشركات العقارية في الصين– قطعة أرض كبيرة للبيع بسعر مخفض للغاية في مدينة شنتشن التابعة لمقاطعة جواندونغ والمعروفة بكونها مركز التكنولوجيا جنوبي البلاد، مما يشير إلى محنة القطاع الذي يعاني من أزمة طويلة الأمد.
وقالت مجلة “إيكونوميست” إن “فانكي” تخطط لطرح نحو 19 ألف متر مربع من الأراضي غدا السبت مقابل تخفيض 900 مليون يوان (124.6 مليون دولار) من السعر الذي اشترته بها قبل 7 سنوات فقط، أي بخصم 29% من المبلغ الأصلي.
وتعد هذه العملية التي وصفتها إيكونوميست بـ”اليائسة” خطوة ضمن إجراءات “فانكي” لتصفية أصولها لتمكينها من إدارة ديونها المتزايدة، وهو ما يمثل مؤشرا سلبيا على التحديات التي تواجه سوق العقارات الصينية.
أزمة مستمرة
هذه الأزمة ليست جديدة، حيث يواجه قطاع العقارات الصيني حالة اضطراب ممتدة لسنوات، وقد تعرض اللاعبون الرئيسيون مثل عملاقي العقارات إيفرغراند وكنتري غاردن لانهيارات عامي 2021 و2023 على التوالي.
ومع ذلك، فإن وضع “فانكي” مثير للقلق بشكل خاص وفقا لإيكونوميست بسبب ملكيتها الجزئية للدولة. حيث تمتلك شركة “شنتشن مترو” -وهي كيان مملوك للدولة- حوالي ربع أسهم “فانكي” مما يوفر لها إمكانية الوصول إلى أموال الدولة وشروط مصرفية مواتية أكبر من نظيراتها الخاصة بالكامل، حسب المجلة.
اضطرابات مالية
وعلى الرغم من هذه المزايا، أعلنت “فانكي” عن خسارة قدرها 1.7 مليار يوان (235.5 مليون دولار) في الربع الأول من 2024، مع انخفاض المبيعات بنسبة 43% على أساس سنوي.
وتثقل كاهل الشركة ديون يبلغ مجموعها 320 مليار يوان (44.3 مليار دولار) منها حوالي 31 مليار يوان (4.3 مليارات دولار) من السندات العامة المستحقة خلال العام المقبل.
ومن الممكن أن يؤدي التخلف المحتمل عن سداد هذه الديون -وفقا إيكونوميست- إلى تقويض الثقة ليس في “فانكي” فحسب، بل جميع شركات التطوير المدعومة من الدولة، والتي تمكنت حتى الآن من إدارة الأزمة بشكل أكثر براعة من أقرانها بالقطاع الخاص.
ويشكل انخفاض أسعار الأراضي مصدر قلق رئيسي لصانعي السياسات الصينيين. وتقول إيكونوميست إنه تم تحديد السعر المبدئي للمزاد لأرض “فانكي” عند 2.2 مليار يوان (304.5 ملايين دولار) بانخفاض عن 3.1 مليارات يوان (429 مليون دولار) المدفوعة عام 2017. ويعد هذا الانخفاض كبيرًا حيث إن أسعار الأراضي المتزايدة باستمرار عززت تاريخيًا سوق العقارات الصيني.
التدخل الحكومي واستجابة السوق
عام 2020، اتخذت الحكومة الصينية تدابير للحد من الارتفاع غير المستدام للرافعات المالية من خلال تحديد سقف لمستويات الديون التي يمكن للشركات الاحتفاظ بها مقارنة بأصولها.
ومع ذلك، فإن هذه الجهود لم توقف بشكل كامل موجة أزمة العقارات -تقول إيكونوميست- حيث إنه عندما توقفت أسعار الأراضي عن الارتفاع عام 2021، أصبحت البنوك متشككة بشأن القيمة الحقيقية للضمانات التي تدعم قروضها وفقا للمجلة.وأدت هذه الشكوك، مقترنة بانخفاض معدلات الاستدانة في النظام، إلى انخفاض عدد مشتريات الأراضي ونشوء دوامة انكماشية في الأسعار، والتي كان التعافي منها بعيد المنال.وتوفر حالة “فانكي” -وفق إيكونوميست- نافذة نادرة على شدة الانكماش في مجال العقارات في الصين، وهو القطاع الذي لا يزال غامضا بسبب السيطرة الصارمة التي يحتفظ بها المطورون على احتياطياتهم من الأراضي.ويراقب المحللون والمستثمرون هذه التطورات عن كثب، حيث قد تكون للنتيجة آثار بعيدة المدى على الاقتصاد الصيني الأوسع وقدرة الحكومة على إدارة التحديات الاقتصادية المستمرة، هكذا تختم إيكونوميست.